برنامج صباح الخير يا وطن
الإعلامية دعاء النمر- قناة الفجيرة
القراءة شيء جميل جدا، وتنقذنا من الوحدة والظلام، وتوسع مداركنا، وتخلق لدينا فكرا مستقلا، كما أن القراءة معدية، وإذا كان الأهل يقرأون، فإن الأطفال سيكبرون محبين للقراءة والاطلاع. في الآونة الأخيرة، ومع انتشار وسائل التكنولوجية، قل الاهتمام بالقراءة، ونأمل أن تستعيد القراءة مكانتها وأهميتها والفوائد الكثيرة التي تقدمها لعقل وذاكرة الأطفال.. كيف يمكن أن نصنع جيلا يقرأ ويحب القراءة والاطلاع ويهتم بالعلم، ويحبذ الإلقاء ويتقن الفصاحة.. ؟
نقول للأهل: سلحوا أنفسكم بالعلم، حتى تثقفوا أنفسكم فكريا ومشاعري وعمليا.. دائما نقول أن باب العلم قبل القول والعمل، وأكيد القراءة هي باب ومفتاح الفنون، التي تخلينا نحسن من قدرتنا وثقافتنا ونتمسك بهويتنا العربية.
إن أول كلمة نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم (إقرأ).. علينا أن نرجع القراءة لحضارتنا العربية، وأن نجعل هذا الجيل بدلا ما يعرف من العروبة إلا اسمها، ولا من الدين إلا القليل، جيلا ممكنا بالثقافة والرقي، وأن يكون لديه مخزونا لغويا، حتى يقدر يعبر عن مشاعره، ويعرف احتياجاته وكيف يكون حاضرا قلبا وقالبا في المجتمع.
نستذكر يوم اللغة العربية.. تلك اللغة الجميلة، التي تمتلك أكثر من 12.5 مليون مفردة، وما يزيد عن 16 ألف جذر لغوي، ما جعلها لغة حية وحيوية تعبيرا وفصاحة وبلاغة، لكننا اليوم- مع الأسف- نرى أطفالا صغارا يهتموا بمواقع التواصل الاجتماعي، وآخرين أكثر مهتمين بتحدي القراءة العربي مثلا، يمتلكون من الفصاحة ما لا يمتلكه البالغون..
ما رأيك بهذه المسابقات، وكيف ممكن فعلا أن نرجع حب القراءة لأطفالنا؟
أول شيء، العربية هي صاحبة الجلالة العظيمة، ولن تموت بإذن الله، مع وجود الغيارى القائمين على صيانتها وحفظها، وهو ما تتكفل به هذه المبادرة الرائعة (تحدي القراءة العربي)، التي ترعاها وتنظمها حكومة دبي ترجمة دقيقة وأمينة لمحبة ورؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بضرورة حماية وصيانة لغة الضاد.. لغة القرآن.. لغة أهل الجنة.. رمز الهوية العربية والإسلامية..
يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: “الإنسان كائن اجتماعي بطبعه”، ما يعني أنه يحب التواصل مع الآخرين، وهنا نحتاج المخزون والثراء اللغوي، لنعبر أنفسنا ونتعلم من بعضنا بعضا، فوجود مثل هذه المسابقات العالمية، هي من سيجعل الجيل القادم مثقفا ويحافظ على الحضارة والغة، ويبني من الحاضر جسورا مع الماضي، ليعزز الابتكار والأفكار الجديدة، ويفوت الفرصة على من يحارب اللغة والحضارة العربيتين، عبر دس السم بالدسم..
عندما يكون لدى الإنسان حب القراءة والاطلاع، يرى العالم من منظار مختلف، فتتوسع لديه المدارك وتنمو القدرات، حتى مستوى الذكاء يزيد، وتتطور الشخصية، ليصبح كائنا مجتمعيا قادرا، ويعيد توازنه، ويحسن التصرف والتعامل مع الآخرين، ويتقن بروتوكول التعاطي مع الأشخاص، عبلار معرفة أنماط الشخصيات، فالقراءة هي من تغذيك فكريا وجسديا.
س: القراءة صارت قادرة أن تجعلنا نسافر لدول مختلفة، ونعيش أزمنة وعصورا لم نعش فيها.. نستخلص الأحداث والعبر من التاريخ، لنطبقها بشكل سليم في المستقبل، لكننا اليوم نحن في مشكلة حقيقية خلقتها وسائل التواصل الاجتماعي، والساعات العمل الطويلة التي تسرقنا من القراءة والاطلاع والثقافة، ولا بد من البحث عن حلول عملية لها أسريا ومجتمعيا.. فماذا تقولي؟
ج: حلوة كلمة الشغف.. حتى أنمي الشغف عند الطالب، يجب أن يكون لديه أمران، الأول هو المجهود الذي يبذله في القراءة وتحصيل الثقافة، وهذه مهارة معقدة تحتاج تدريبا، مثلما يتعلم الطفل المشي مثلا، لكنها ممكنة، عبر خطوات تعلم القراءة، ولا بد من ربط المجهود بالهدف.. أنا لماذا أقرا؟ أقرأ حتى أتنور.. أتثقف.. أحمي هويتي الفكرية والثفافية والحضارية.
أريد أن أربي طفلا مسؤولا عارفا كيف يدافع عن اللغة العربية، ويثقف نفسه لأن أطفالنا هم قادة المستقبل.. أربي طفلا واعيا وقائدا فاهما متى يتحدث، وكيف ولماذا؟ ثانيا، أنمي لديه هذا الثراء والمخزون اللغوي، ليعبر عن نفسه.. مهمة الأهل وضع الهدف.. الإشراف على التنفيذ.. قياس النتائج، وليس القراءة لمجرد إنجاز أكبر عدد ممكن من الكتب، كما أن القراءة مقسمة غلى ثلاث مراحل قبل وأثناء وبعد، ومن ثم توجيه الطفل ليقرأ ويصقل شخصيته.. مهمة الأهل تأمين البيئة الآمنة لمحبة ومتعة القراءة.
تنقسم الأشخاص القراء إلى قسمين: شخص يقرأ ويتعرف ويتنور ويتثقف، وآخر يقرأ حبا بالنهم والعلم والتحصيل الدراسة والجامعي.. إذا شجعناالأولاد على القراءة، ربما سيصلوا إلى مرحلة يصيروا يركضوا ورانا، ويقولون أنا خلصت في هذا الأسبوع كتابا، ما هي الخطوة التالية، ويصير يناقش، كيف يجلس على طاولة الحوار، وعلى مائدة العشاء أو الغداء، المهم أن أترك بصمتي الشخصية، بعدما خلصت هذا الكتاب، فهذا الشيء أهم ما نسعى إليه، خلال القراءة، وعلى الأهل أن يعرفوا أساسيات القراءة والطريقة الصحيحة للإلقاء اللفظي والكتابة وغيرها..
س: اختيار الكتاب حساس جدا.. هل يمكن أن نفقد الأمل بالقراءة لمجرد بضع اختيارات خاطئة في الكتب؟
ج: هناك مهارة إنتقاء الكتب الصحيحية، بعيدا عن الأفكار المغلوطة. أستاذتنا في الجامعة كانت تقول لنا: حتى تتعلموا الثقة بالنفس، اعرفوا مَن هو الكاتب، ولماذا كتب؟ نذهب إلى المكتبة ونختار كتابا، ثم نتعرف على الكاتب، لأية مدرسة فكرية ينتمي، ولا بد من أن ننتبه كثيرا للمحتوى وإنتقاء الكتب.
كلما أنجز الطالب أكثر، تعلو لديه الثقة بالنفس، ويسعى ليجد طرقا جديدة، حتى يتثقف أكثر وأكثر.. ليصبح طالب العلم، طوال عمره، وليزداد تواضعا، وكلنا تلاميذ بمحراب العلم، ومهما تعلمنا نبقى نقطة في بحر العلم.
س: سؤال يقول إن الشخص يخلق موهوبا بالفطرة، ليكن متحدثا لبقا فصيحا، ولكنني أرى أن الأمر يحتاج القراءة والاطلاع، ما يزيد مخزونه من الكلمات والمفردات ليصبح قادرا على التعبير بشكل أفصح وأكثر ثقة، كيف ترين المسألة؟
ج: الموهبة لوحدها لا توصلك للقمة، فالنجاح يحتاج مجهودا وشغفا وديمومة، أكدت دراسة أن الموهبة لاتفيد بلا مجهود شخصي، خاصة في هذا الزمن، إذ لا يكفي أن تحمل شهادة جامعية معينة، بل تحتاج الثقافة والاطلاع والتدريب، وتبقى بيئة البيت والمدرسة مهمة وممتعة للإرتقاء بالقراءة.
س: هل تعتقدين أن الكتب الصوتية لها ذاك التاثير على قراءة كتاب؟
ج: إن الأهل تكون عندهم القواعد التربوية الأساسية المضبوطة، حتى يعرفوا كيف يتعاملوا مع الطالب. التكنولوجيا، والتي من ضمنها الكتب الصوتية، تعتبر من الوسائل، التي نصل بها للمعلومة والمعرفة، وهي تحت مظلة المعرفة، ومن ضمنها أيضا الكتب الورقية.
نحن في عصر التكنولوجيا، ولا نستطيع أن نهاجم هذه الوسائل. وبما أنني دكتورة مختصة بالتربية الخاصة والدامجة، المطلوب منا أن نفهم أن هذه الكتب الصوتية، تساعد أشخاصا معينين، وتسهل عليهم الدرب فلِمَ لا, لكن أهم شي أن نخصص وقتا نسمع فيه الكتب الصوتية، وآخر نمسك فيه الكتب الورقية، ومن المهم أن نجلس مع الأولاد، لنفسر لهم الأفكار التي يسمعونها، لأننا حريصون على الهدف التربوي وانتبهوا لهذه المعتقدات أو تلك، مع شرح المعتقد الصحيح والسليم الخاص بنا وبمعتقداتنا..
س: واحد تجاربك الإبداعية، كتاب “علمتني الحياة”، فماذا عنه؟
ج: حتى يبدأ الشخص، يجب أن يضع خطوة استباقية، وهي أن يقرا كثيرا.. أبو نواس عندما كتب أول بيت من الشعر, لم يكتبه، إلا بعد أن حفظ ألفي بيت شعر من عيون اللغة العربية.. هذا يجعل عندنا مرجعية ومصادر من الكتب ومخزون، حتى نهيأ حالنا ليكون مئة بالمئة.
وكتاب “علمتني الحياة” هو ملخص تجارب شخصية من تراكمات كانت تصير معي من تحديات، كوني مستشار تربوية ومدربة تعليمية، لما ظهرت منذ ثلاث سنوات وإلى الآن على مواقع التواصل الاجتماعي، الحمد لله كانت الصفحة وجه خير علي، الأهل كثيرا ما كانوا يعطونني المشكلات، التي تواجههم، ونتناقش فيها بمواضيع هم بأمس الحاجة إليها، مثل مواضيع الطلاق والتكنولوجيا، التي هي صديق مرة وعدو مرات، وهي ليست حضن أبينا الدافئ وصدر أمنا الحنون.. أخذت وجمعت كل هذه المشكلات، ووضعت كل هذه المعلومات والخبرات في هذا الكتاب، والتي هي أشياء ما علمنتي عليها أبي أو أمي، وإنما هي من رحلتي بالحياة، كيف نخفف من نسبة الطلاق العالية، والتي للأسف زادت في دولنا العربية مؤخرا، ونعاني منها.
س: ما هي أكثر الأخطاء الشائعة، التي يقوم بها الأم والأب، ويظنوا بأنها أمور تصقل طفلهم؟
هناك الكثير من الأمور، التي يجب أن ينتبهوا لها، وهي أن يعطوا الطفل كتابا أعلى من مستواه، وأن يصروا أن يختار كتابا يحبه ويشبهه.. اختيار دون إجبار.. يجب أن يعطوه مساحة من الحرية الآمنة، وقد يذهبوا معا إلى المكتبة، ويختاروا كتبا يحبها، وحسب الفئة العمرية يبدأ التعليم والقراءة.. الأم الحامل تبدا تقرأ القرآن الكريم، ليسمعها طفلها، وهو بحاجة لأن يسمع، كما أن الأهل يجب أن يكونوا هم التربية بالقدوة، وليس تاركين الأمور متسيبة، و كل الوقت قاعدين إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ويتصفحوا الأجهزة الضوئية والإلكترونية كل الوقت بأيدهم، فيتعلم الأولاد منهم بطريقة غير مباشرة، ويرتكبوا أخطاء الأهل نفسها..
ومن الأخطاء أيضا، عدم توفير البيئة الآمنة والبيت الهادي.. الأصوات مرتفعة ومزعجة، ولا يوجد مكان مخصص للقراءة، ويجب أن يحس الولد أن عنده مكتبة، فيها الكتب وأغراضه، يعني الجو العام للقراءة جيد..
وبعد القراءة، مطلوب الجلوس مع الأولادهم والنقاش، فالوقت النوعي، الذي تمضينه مع أولادك كثير مهم، ليتعلمو منك بطريقة مباشرة وغير مباشرة.. في السيارة.. في البيت.. في الشرفة.. في المراكز التجارية، بسهولة ويسر، ليتعلم الصبر والاتزان العاطفي.