القصة تقول: أحببت شابًّا رافقني في سنوات دراستي الجامعية، كنا نتشارك الأحاديث والمغامرات والعبارات الغزلية الغرامية، إلا أن لقاءاتنا كانت محصورة في الجامعة، لم أتعرف إلى أحد من أفراد أسرته، ولم يكن يحدثني عنهم. مرت السنوات، فطلبت منه أن يتعرف إلى أبي لتكون علاقتنا معلنة بشكل رسمي. بعد جلسة نحو ساعة تضمنت أسئلة من أبي وإجابات منه، كان قرار أبي:” لم أطمئن له، إنه لا يناسبك”. أنهى علاقة أربع سنين بكلامه المختصر. لم أفهم معنى الكلام ولا المؤدّي إليه، كل ما أعرفه أنه رفض لأنه لم يشعر بالاطمئنان من خلال كلامه. كانت الأيام بعده تمر ببطء وحزن وملل، كنت أتذكر كلامه بأنه سيحاول مرارًا ليحصل عليّ، وبأنه سيثبت للكل أنه أهل لذلك. لكنه اختفى.. انقطعت أخباره وبان حاله الذي كشفه والدي في ساعة. في هذه الأثناء، تقدم لخطبتي شاب ما لبث أن تحدث ساعة حتى وافق أبي. صار يأتي إلينا، يعين أبي ويجبر خاطر أمي، يبادر بالاهتمام من غير طلب، يتفقد ما ينقصني ويجبر الخلل بنفسه. لا أنكر أنني بدأت أميل إليه فتصرفاته تعكس نضوجه وفهمه للخطوة القادم عليها. كان يمتنع عن وعدي بأي شيء لئلا يُخلف فأحزن، كان يتردد قبل إخباري بمشاعره، فلا ينطق بكلمة قبل أن يحس بها ويدرك معناها ومؤداها. مرت الأيام وأحببته، واتفقنا على موعد الزواج، فتم والحمد لله، وها هي أسرتي الآن تنعم بالصدق والحب والأمان والاحترام.
أبي كان أول رجل لم يخذلني في حياتي، وزوجي الآن يمضي على دربه. علَّمني ما حدث معي، وإن استغرق وقتًا، أمورًا كثيرة، جعلت فكري ناضجًا وقلبي مطمئنًا:
1- المشاعر الصادقة تثبت بالأفعال.
2- اهتمامنا ووقتنا وقلبنا وعواطفنا، هي أشياء تُعطى لمن يستحق.
3- الصدق دليله الموافقة، فالصادق يفرح لفرحك ويحزن لحزنك ويفديك بماله وبوقته.
4- لا تتسرع في الحكم على الأشخاص والتعلق بهم، قبل أن تختبر حالهم ومقالهم.
5- استمع لمن هو أخبر بك في تجارب الحياة، فرُبّ نظرة تكشف ما سترته السنين.
6- صدق المشاعر يؤسس بيوتًا لا تخرب مهما طال الزمن.
7- لا تتهاون بإعطاء الوعود وإطلاق العبارات بل تأنَّ لتُثبت صدق كلامك ومشاعرك.
8- كن ناضجًا واختبر المتكلم قبل أن تصدقه، فليس كل من تقابله في حياتك يشاطرك الحب الذي في داخلك.
9- ذو الوجهين منبوذ، فاحرص على أن تبتسم بصدق وأن تحبّ بصدق وأن تتمكن من بلوغ هدفك بصدق، فإن لم تجد ذلك في قلبك
فامضِ إلى مسيرة جديدة واترك الكذب والتمثيل.
الخلاصة: نتعرف في حياتنا من حين الطفولة إلى الشباب فالهرم على أشخاص قد لا نحصي عددهم، نستقبل واحدًا ويرحل آخر. لكن نلاحظ أن الأصدق والأوفى هو المرافق في كل المراحل. نلجأ إليه ونستند إلى كتفه ونشاركه لحظات حياتنا، لكن ما نال هذا القرب إلا بحسن معاشرته وطيب خلقه وصدق مشاعره. فاحرص أن تكون صادقًا في مشاعرك لئلا تُخذل وتُنبذ